<

تدرك كل العلامات التجارية/الشركات الناجحة اليوم الدور المهم الذي تلعبه العلاقات العامة في نموها. لكن، يحدث أحيانًا أن تتساءل بعض الشركات والعلامات التجارية -وخاصة الكبيرة منها، والتي أسست اسمها وحضورها في السوق- عن جدوى أنشطة العلاقات العامة.

نعزو مثل هذه التساؤلات إلى عدم الإلمام المتعمق بمفهوم العلاقات العامة، فقد يكون لدى بعض الشركات فكرة يسيرة عن تخصص العلاقات العامة، وما يتعامل معه، والفوائد التي يجلبها، لكن القلة القليلة فقط تلم بشكل عميق بمدى الأثر الحقيقي للعلاقات العامة. وعلى عكس الشركات الناشئة التي تحتاج إلى جذب انتباه الجماهير المستهدفة، فإن الشركات والعلامات التجارية الكبيرة والتي رسخّت وجودها عبر زمن طويل، وتصل أرباحها إلى الملايين، وتشهد خطط توسع قد تتساءل: ما حاجتي إلى العلاقات العامة؟

إجابة هذا السؤال سهلة: تحتاجها؛ لأن العلاقات العامة تتميز بالمرونة، والدور الذي تلعبه يختلف بحسب حجم وطبيعة الشركة/العلامة التجارية. فعلى سبيل المثال: تبحث الشركات الناشئة عن الانتشار السريع؛ كي يعرفها جمهورها المستهدف، بينما تحتاج الشركات/العلامات التجارية الكبيرة التي صنعت لنفسها اسماً أن تظل محافظة على بريقها، وهو ما سيتحقق عبر أنشطة الاتصال المؤسسي في إدارة السمعة؛ وهو ما سيتطلب من مختص العلاقات العامة أن يبقى يقظاً؛ ليتمكّن من رصد أي تحديات قد تظهر قبل أن تتحول إلى أزمات. إذاً يمكن أن نقول أن العلاقات العامة التي تحتاجها الشركات/العلامات التجارية الكبيرة تتمثّل في إدارة الصورة الذهنية الإعلامية.

ولعل أحد الأسباب التي تدفع بعض الشركات إلى تجاهل دور العلاقات العامة هو ميلها إلى التسويق والإعلانات، واعتقادها أن تخصيص ميزانية معتبرة للتسويق والإعلانات تكفي لبناء سمعة العلامة التجارية وتعزيزها. وبالإضافة إلى كون هذا الاعتقاد خاطئاً، فإن العلاقات العامة في الواقع أكثر كفاءة، وأقل تكلفة من التسويق التقليدي.

يجدر بالذكر أن الإعلان المدفوع يهدف للترويج المباشر للعلامة التجارية أو خدماتها بشكل مباشر، بينما تعتمد العلاقات العامة بشكل أساسي على آراء، أو مواقف طرف ثالث يتكلم عن العلامة التجارية؛ مما يؤسس لنوع من المصداقية عند الجمهور يصعب الحصول عليها عن طريق الإعلانات المباشرة. فعلى سبيل المثال: منشور دعائي مدفوع الثمن لأحد مشاهير السوشيال ميديا عن منتج ما قد لا يؤسس الثقة أو المصداقية نفسها التي سيستثيرها قيام المشهور نفس بمراجعة (ريفيو) للمنتج نفسه بحيث يعرض رأيه الصادق، ويبرز مزايا وعيوب المنتج بعد الاستخدام. وبنفس المنطق، فإن الإشارة للرئيس التنفيذي للعلامة التجارية في أحد المقالات بصفته مصدر معلومة ما سيكون مفيداً أكثر من صدور صفحة إعلانية كاملة للرئيس التنفيذي في الصحيفة نفسها. وهنا يعدّ الإجراء الأول ضمن أنشطة العلاقات العامة.

بناءً على ما سبق، يمكن أن نقول إن العلاقة بين التسويق والعلاقات العامة هي علاقة متقلبة ما بين الحب والكره. ففي حين يُذكر كلاهما معًا عادةً؛ لأن المفهومين متقاربان، إلا أن لكل منهما أهداف وغايات مختلفة عن الآخر: ففي حين يركّز التسويق على الترويج المباشر والمبيعات، نجد أن تركيز العلاقات العامة يتمحور حول بناء سمعة ايجابية للعلامة التجارية، والحفاظ عليها. بل إن أنشطة العلاقات العامة إذا ما دُمِجت مع استراتيجيات التسويق تصبح ذات تأثير فعّال في الحفاظ على سمعة إيجابية وراسخة للعلامة التجارية. لهذا يمكن أن نقول إنه يصعب أن يوجد أحدهما دون الآخر، وأن الاثنين يحققان أقصى فعالية إذا استُخدما معاً.

TAGS

 

 

Default Comment (0) Facebook Comment ()

Your email address will not be published.

[wpdevart_facebook_comment curent_url="http://developers.facebook.com/docs/plugins/comments/" order_type="social" title_text_color="#000000" title_text_font_size="22" title_text_font_famely="monospace" title_text_position="left" width="100%" bg_color="#d4d4d4" animation_effect="random" count_of_comments="2" ]